التاريخ : 2020-04-05
الفيصلي .. وإسقاط نادي القرن
مهند جويلس
استكمالاً لسلسلة ذكريات الكرة الأردنية الجميلة والمميزة والتي لا تنسى من أذهان المشجعين الوطنيين، سواءً من انتصارات ثمينة تحققت، أو مباريات قوية أمام خصوم مميزة، وذلك في ظل توقف كرة القدم بشكل خاص والرياضة بشكل عام بسبب وباء كورونا العالمي.
بطولات كثيرة حققها زعيم الأندية الأردنية نادي الفيصلي سواءً محلية أو آسيوية، ومشاركات لفتت الأنظار في البطولات الودية والتي تتسم بالطابع الرسمي كالبطولة العربية، كيف لا وهو وصيف نسخة عام ٢٠٠٧، ودخل بطولة ٢٠١٧ بالأراضي المصرية وعينه على تحقيق إنجاز أفضل من الذي تحقق قبل عشرة أعوام.
لا نريد الغوص بمشاركة الفيصلي بالبطولة والدخول بتفاصيل كل مباراة على حدة، بل نود أن نتطرق إلى ما هو أفضل شيء بالبطولة من ناحية المشجعين الأردنيين، ألا وهو تحقيق الانتصار مرتين وفي غضون عشرة أيام على بطل أفريقيا الأوحد، مرة في القاهرة والأخرى في الإسكندرية، والحديث هنا عن النادي الأهلي المصري.
الجميع اعتقد بأن مشاركة النسر الأزرق في هذه البطولة ليس من أجل تحقيق اللقب، بل من أجل المشاركة فقط، نظراً لصعوية الأندية المنافسة في المجموعة الأولى والتي ضمت أيضاً الوحدة الإماراتي ونصر حسين داي الجزائري، ولكن أبناء المدير الفني الصربي للفيصلي حينها نيبوشا خالفوا التوقعات وكانوا على الموعد وحملوا أحلام جماهيرهم إلى أبعد الحدود.
المباراة الإفتتاحية للفيصلي كانت أمام أعظم أندية العالم وأكثرها تحقيقاً للألقاب النادي الأهلي، والفيصلي دخل اللقاء وعينه على تحقيق النقاط الثلاثة الأولى له في البطولة، أو التعادل على أقل تقدير أمام مستضيف للبطولة وصاحب الأفضلية لتحقيق اللقب فيما بعد.
الخطورة في الشوط الأول كانت حمراء بالكامل، ولم يجد الزعيم طريقاً للوصول إلى مرمى الخصم واكتفى بالدفاع بأكبر عدد من اللاعبين أملاً بعدم هز شباكه على الأقل في الفترة الأولى، وهو ما تحقق بالنسبة لأصحاب الضيافة سجلوا هدفاً في الدقيقة الأخيرة من الشوط الأول لكن راية الحكم كانت حاضرة وينتهي الشوط سلبي النتيجة.
ضغط الأحمر في الأول تكرر في الثاني، لا جديد يذكر ولا قديم يعاد إلا أن الأهلي يمارس هوايته الهجومية دون كلل أو ملل، والفيصلي ينتظر الفرصة التي تسنح له للتقدم خطوة إلى الأمام، وبهدية من المدافع المصري محمد نجيب، لم يتوانى يوسف الرواشدة عن دكها في الشباك وإسعاد مئات المشجعين من الفيصلي ممن تواجدوا على المدرجات، ليتقدم بفريقه بهدف عند الدقيقة الخامسة والخمسين من زمن المباراة.
هدف الرواشدة حرر لاعبو الفيصلي وأيقنوا بأن خير وسيلة للدفاع عن الهدف هو الهجوم وضغطوا مرمى الشناوي ضغطاً لم يكن طويلاً، لتعود الخطورة على مرمى معتز ياسين الذي وقف سداً منيعاً لهجمات الأهلي المتكررة والتي استمرت حتى صافرة النهاية، ليكون السقوط الأول للشياطين الحمر في البطولة على يد النسر الأزرق.
الكثير من الأقاويل والمبررات ظهرت بعد هذه المباراة من الطرف المصري بأن " الشياطين الحمر " في مباراة دور المجموعات لم يكن الفريق الكامل من ناحية المدير الفني واللاعبين، وأن مباراة دور نصف النهائي ستشهد عودة كافة لاعبين الفريق في تلك الفترة.
ومن منا لا يذكر وقتها الأسلوب الغريب الذي اتبعته اللجنة المنظمة للبطولة بلعب أفضل فريق يحقق المركز الثاني مع متصدر المجموعة الأولى، وذلك في حال لم يكن من المجموعة الأولى، ولكن كانت اللجنة المنظمة على موعد مع قانون جديد، والأهلي يقابل الفيصلي من جديد أملاً برد الفوز الذي تحقق بدور المجموعات، وهو ما انقلب رأساً على عقب وحقق الفيصلي فوزاً تاريخياً آخر.
شوط المباراة الأول لللقاء الثاني بين الفريقين لم يختلف كثيراً عن المواجهة الأولى، سيطرة أهلاوية على أغلب فترات اللقاء والعجز عن فك شيفرة الدفاع الفيصلاوي، وحان وقت الهدف الأول بالنسبة للفيصلي، عدي زهران بتلاعب بدفاع الأهلي ويضع كرة على طبق من ذهب لم يتوانى دومينيك بوضعها برأسه في شباك الشناوي في منتصف الشوط الأول، وبعد ذلك بعشرة دقائق فقط الفيصلي يعزز النتيجة من عرضية لوكاس وضعها أحمد فتحي في مرماه ونهاية الحصة الأولى بهدفين للزعيم.
المحترف أجايه ومعلول وأزارو والسعيد وجمعة وغيرهم الكثير من لاعبي الأهلي حاولوا في الشوط الثاني لتقليص الفارق لكن دون جدوى، معتز ياسين وقف بالمرصاد كالأسد أمام جميع هجمات النسر الأحمر، ولكن الفرج جاء متأخراً جداً، الدقيقة التاسعة من الوقت بدل الضائع قلص الأهلي النتيجة بهدف لا يسمن ولا يغني من جوع، ويقتنص بعدها الفيصلي تذكرة العبور الأغلى في التاريخ للدور النهائي للبطولة العربية.
تلك الليالي يفتخر بها جميع الأردنيين إلى الآن، بفريق مثل الوطن أفضل تمثيل في المحفل العربي ووصل إلى نقطة قريبة لتحقيق اللقب، لكن ظلم كرة القدم وعدلها المختفي في ذلك التجمع منع النسور الزرقاء من التحليق في سماء الكرة العربية وتأجيل الحلم إلى إشعار آخر.
عدد المشاهدات : [ 6701 ]